معيار جديد يحدد معايير واضحة لأداء الكربون

المعيار التجريبي البريطاني للمباني الخالية من الكربون (UKNZCBS) يضع معايير لأول مرة باستخدام بيانات المباني بعد التنفيذ لضمان تحقيق أداء الطاقة والكربون وفق معايير محددة بدقة

الكاتب: Fabrizio Varriale -RICS Journal 11 مارس 2025التخصصات: المسح البنائي، إدارة البيانات، الطاقة، الاستدامة

تطوير معيار بريطاني جديد خالٍ من الكربون

تم تطوير معيار المباني الخالية من الكربون في المملكة المتحدة (UKNZCBS) من قبل مجموعة توجيهية تقنية تضم هيئات مهنية ومنظمات بريطانية، بما في ذلك المعهد الملكي للمساحين القانونيين (RICS).

وقد جاء هذا المعيار ثمرة تعاون مكثف دام عامين، بمشاركة أكثر من 350 خبيرًا ضمن مجموعات عمل مختلفة، بالإضافة إلى مشاورات وأحداث شارك فيها قطاع الصناعة الأوسع.

استند المعيار إلى مبادرات سابقة مثل "إطار تعريف المباني الخالية من الكربون" و"خريطة طريق الكربون مدى الحياة"، وقدم تعريفًا فنيًا للمباني الخالية من الكربون في المملكة المتحدة، بما يتماشى مع الالتزامات الوطنية لمواجهة التغير المناخي. كما يأخذ المعيار في الاعتبار إزالة الكربون مستقبلاً من مصادر الطاقة، وأداء المباني الجديدة والقائمة.

النسخة التجريبية تحدد حدود الكربون

تم تحديد مستويات الأداء استنادًا إلى قاعدة بيانات كبيرة تم جمعها في عام 2023، والتي تغطي الانبعاثات الناتجة عن التصنيع والبناء – والمعروفة بالكربون المقدم – بالإضافة إلى تلك الناتجة عن استهلاك الطاقة أثناء تشغيل المبنى.

نُشرت النسخة التجريبية في سبتمبر، وتضمنت مؤشرات الأداء والحدود التي يجب تحقيقها لتوافق المبنى مع المعيار. وتعتمد منهجية قياس الطاقة والكربون على دليل RICS لتقييم الكربون مدى الحياة في البيئة المبنية.

من بين هذه المتطلبات:

• وضع حدود قصوى للكربون المقدم الناتج عن البناء، واستهلاك الطاقة السنوي.

• تحديد هدف أدنى لتوليد الطاقة المتجددة.

• منع استخدام الوقود الأحفوري في الموقع (مثل غلايات الغاز).

كما تختلف هذه الحدود بين المباني الجديدة والقائمة، وأيضًا حسب نوع المبنى؛ فعلى سبيل المثال، الحد الأقصى لاستهلاك الطاقة للمكاتب في عام 2025 هو 85 كيلوواط/م² سنويًا، بينما هو 40 كيلوواط/م² سنويًا للشقق.

يجب تقييم عدة مؤشرات أخرى والإفصاح عنها عند التقدم بطلب للتحقق من مطابقة المعيار، ومن المتوقع أن يتولى متخصصون مؤهلون هذه التقييمات نيابة عن ملاك المباني الذين يرغبون في الالتزام بالمعيار.

الامتثال لجميع هذه المتطلبات يتيح للمالك الادعاء المشروع بأن المبنى "متوافق مع صافي الصفر" وفقًا لتعريف UKNZCBS، أي أن أداءه متماشي مع هدف المملكة المتحدة لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.

كما يمكن شراء أرصدة كربونية وطاقة خضراء لتعويض الانبعاثات المتبقية بعد تحقيق الحدود المطلوبة، ولكن لا يمكن استخدام هذا التعويض لتجاوز المتطلبات الأساسية.

التحقق قائم على القياس الفعلي وليس على النمذجة

يجب أن يتم التحقق من أي ادعاء بالامتثال لمعيار UKNZCBS من قبل خبير طرف ثالث مؤهل، ولا يمكن الاكتفاء بالتصديق الذاتي. وسيتم تطوير عملية التحقق خلال عام 2025، مع إطلاق برنامج تجريبي لتطبيق المعيار على مشاريع حقيقية والتفاعل مع المطورين والمصممين والملاك.

وسيتم استخدام الدروس المستفادة من هذا البرنامج التجريبي لإعداد النسخة النهائية الكاملة للمعيار المتوقع إصدارها في نهاية عام 2025، والتي ستتضمن تفاصيل عملية التحقق.

الأمر الحاسم هو أن معيار UKNZCBS يعتمد على الأداء الفعلي المقاس، وليس الأداء المتوقع. لذا، يجب تقييم الكربون المقدم بعد إتمام البناء باستخدام الكميات المقاسة وليس التقديرات التصميمية، كما تُقاس الطاقة والانبعاثات التشغيلية سنويًا من خلال قراءات العدادات بدلاً من النماذج الافتراضية.

هذا يعني أن كل مطالبة بالتوافق مع صافي الصفر ترتبط بسنة محددة، وتُجدد سنويًا عبر التقييم والتحقق. ولا يمكن المطالبة بالامتثال قبل أن يعمل المبنى بكامل طاقته، أي أن المباني في مراحل التصميم أو البناء أو حتى المكتملة، ولكن غير مشغولة بالكامل لا يمكنها الادعاء بأنها متوافقة مع صافي الصفر.

معالجة فجوة الأداء والحد من ظاهرة الغسل الأخضر

يركز المعيار على الأداء الفعلي للمباني بعد البناء وأثناء الاستخدام، لمعالجة "فجوة الأداء" بين توقعات التصميم والأداء الحقيقي.

وبفضل شرط التحقق من طرف ثالث، يقلل هذا فعليًا من فرص استخدام المعيار للادعاءات البيئية المزيفة (الغسل الأخضر).

مع ذلك، يمكن استخدام المعيار كهدف في مراحل التخطيط والتصميم؛ فالمباني الجديدة يجب تصميمها وبناؤها لتحقيق الأداء المطلوب عند التشغيل الكامل.

كما يميز التركيز الحصري على الأداء الفعلي معيار UKNZCBS عن شهادات مثل BREEAM أو مبادرة المباني منخفضة الكربون، التي تتيح الحصول على شهادة في مرحلة التصميم أيضًا.

تطبيق الالتزامات الوطنية على مستوى الأصول

رغم أنه يتبع نهجًا مشابهًا لمبادرة الأهداف العلمية المستندة إلى البيانات (Science Based Targets)، إلا أن معيار UKNZCBS يطبق على مستوى الأصول الفردية وليس على مستوى الشركات.

حيث يتم تخصيص ميزانية الكربون لمخزون المباني في المملكة المتحدة لمختلف القطاعات وأعمال البناء بناءً على توزيع عادل وقابل للتحقيق فعليًا.

تحدد مجموعة التوجيه التقني معايير العدالة من خلال توزيع ميزانيات الكربون بالتساوي بين القطاعات المختلفة، مع عدم فرض حدود شديدة على المباني السكنية أو متساهلة جدًا على المتاجر، على سبيل المثال.

بالتالي، يُعد هذا المعيار الدراسة الأكثر تفصيلًا في أوروبا حتى الآن لترجمة الالتزامات المناخية الوطنية مثل اتفاقية باريس إلى متطلبات أداء محددة للأصول.

وقد أظهرت المفوضية الأوروبية نيتها في إلزام الدول الأعضاء بإجراء تحليلات مماثلة وتحديث لوائح البناء بناءً على النتائج.

استمرار تطور السوق

يمكن لقطاعي البناء والعقارات في المملكة المتحدة الافتخار بقيادة هذه الخطوة الحاسمة نحو إزالة الكربون من المباني.

يرسل معيار UKNZCBS رسالة واضحة إلى السوق: لم تعد هناك شكوك حول مستويات الأداء المطلوبة لتحقيق صافي الصفر، ويمكن الآن التحقق من مدى دقة أي ادعاء وفقًا لمجموعة شاملة من المعايير القابلة للتحقق طورتها الصناعة نفسها.

ويعكس مستوى التفاعل الكبير مع المعيار – مثل حضور أكثر من 2,000 شخص لندوة الإطلاق في أكتوبر – الدعم الواسع له.

ومن المتوقع أن يتعامل العاملون في مجالات البناء والعقارات مع المعيار بطرق مختلفة حسب تخصصاتهم؛ فعلى سبيل المثال، قد يُطلب من المساحين تقييم قدرة العقارات على تلبية المعيار وجمع الأدلة اللازمة لإثبات الامتثال، بينما قد يُطلب من مديري المرافق ضمان بقاء استهلاك الطاقة ضمن الحدود السنوية.

لذا، من المهم للمحترفين فهم الخصائص الرئيسية للمعيار وكيفية تطبيقه. ولتسهيل ذلك، تتوفر نسخة تجريبية مصحوبة بشرائح تقديمية وندوة تعريفية توضح الجوانب الرئيسية للمعيار.

أهم النقاط التي تركز عليها المقالة:

• معيار جديد لضبط أداء الكربون في المباني، وفقًا لمعايير واضحة ومقننة.

• الاعتماد على بيانات حقيقية (بعد البناء) بدلاً من التقديرات التصميمية.

• إلزامية التحقق من طرف ثالث لمنع الغسل الأخضر.

• اختلاف المتطلبات بين المباني الجديدة والقائمة، وحسب نوع المبنى.

• ربط المعيار بالأهداف الوطنية لصافي الانبعاثات الصفرية بحلول 2050.

• لا يمكن الادعاء بالامتثال قبل الاستخدام الفعلي الكامل للمبنى.

• توجه واضح نحو إشراك السوق في تطوير وتطبيق المعيار.